ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1920 ﺃﻗﺎﻣﺖ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻧﺠﻠﺘﺮﺍ
ﺣﻔﻠﺔ ﻟﺘﺨﺮﻳﺞ ﺩﻓﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻟﺠﺪﺩ . ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪ
ﺍﻟﺤﻔﻞ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻰ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺤﻴﻦ ..
ﻗﺎﻡ ﻧﻘﻴﺐ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﺑﺎﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻨﺼﺎﺋﺢ
ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ ﻟﻬﻮﻻﺀ ﺍﻟﺨﺮﻳﺠﻴﻦ ﺍﻟﺠﺪﺩ . ﻓﺮﻭﻯ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ
ﻳﻠﻰ :
ﻃَﺮَﻗَﺖْ ﺑﺎﺑﻲ ، ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺎﺻﻔﺔ ، ﺳﻴﺪﺓ
ﻋﺠﻮﺯ ، ﻭﻗﺎﻟﺖ :
" ﺍﻟﺤﻘﻨﻰ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ، ﻃﻔﻠﻲ ﻣﺮﻳﺾ ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً، ﺃﺭﺟﻮﻙ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﺃﻱّ ﺷﻰﺀ
ﻹﻧﻘﺎﺫﻩ "
ﻓﺄﺳﺮﻋﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻝٍ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺑﻊ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ
ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮ . ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺴﻜﻨﻬﺎ ﻓﻰ
ﺿﻮﺍﺣﻰ ﻟﻨﺪﻥ، ﻭﻫﻨﺎﻙ - ﻭﺑﻌﺪ ﺭﺣﻠﺔ ﺷﺎﻗﺔ -
ﻭﺟﺪﺕ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻯ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺣﻴﺚ
ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ .. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﻄﻔﻞ
ﻳﻘﺒﻊ ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ، ﻳﺌﻦ ﻭﻳﺘﺄﻟﻢ
ﺑﺸﺪﺓ ..
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺩﻳﺖ ﻭﺍﺟﺒﻰ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ
ﻧﺎﻭﻟﺘﻨﻰ ﺍﻷﻡ ﻛﻴﺴﺎً ﺻﻐﻴﺮﺍً ﺑﻪ ﻧﻘﻮﺩ ، ﻓﺮﻓﻀﺖ ﺃﻥ
ﺁﺧﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻴﺲ، ﻭﺭﺩﺩﺗﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻠﻄﻒ ﻣﻌﺘﺬﺭﺍً ﻋﻦ
ﻧﻮﺍﻝ ﺃﻱ ﺃﺟﺮ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻘﺪ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﺟﺒﺎً
ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺎً ، ﺑﻞ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ .. ﻓﻘﺪ ﺗَﻌَﻬّﺪْﺕُ
ﺍﻟﻄﻔﻞَ ﺣﺘﻰ ﻣَﻦَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎﺀ ..
ﻭﺗﺎﺑﻊ ﻧﻘﻴﺐ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻛﻼﻣﻪ ﻗﺎﺋﻼً : ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻣﻬﻨﺔ
ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ؛ ﺇﻧﻬﺎ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻬﻦِ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ،
ﺑﻞ ﻭﻣﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻬﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ..
ﻭﻣﺎ ﻛﺎﺩ ﻧﻘﻴﺐ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻳﻨﻬﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﻗﻔﺰ
ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻣﻦ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﻭﺍﺗﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺼﺔ
ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ﻗﺎﺋﻼ ً :
"ﺳﻴﺪﻯ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ، ﺍﺳﻤﺢ ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃُﻗﺒِّﻞ ﻳﺪﻙ .. ﻣﻨﺬ
ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻨﻚ ؛ ﻓﺄﻧﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﻔﻞ
ﺍﻟﺬﻯ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻰ ﺣﺪﻳﺜﻚ ﺍﻵﻥ ..
ﺛﻢ ﺃﺭﺩﻑ ﻗﺎﺋﻼ ً ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ :
" ﺁﻩ !.. ﻓﻠﺘﺴﻌﺪ ﺃﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺜﻮﺍﻫﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺍﻵﻥ ،
ﻭﻟﺘﻬﻨﺄ ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺻﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻟﻲ ﻫﻲ ﺃﻥ
ﺃﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﻷﻛﺎﻓﺌﻚ ﻟﺠﻤﻴﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺑﻪ
ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻘﺮﻧﺎ، ﻓﺄﻧﻘﺬﺕ ﺣﻴﺎﺗﻲ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ
ﺍﻧﺠﻠﺘﺮﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ( ﺩﻳﻔﻴﺪ ﻟﻮﻳﺪ ﺟﻮﺭﺝ ) ﺍﻟﺬﻱ
ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﻠﻔﺘﺮﺓ
1916 - 1922 ، ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ .. ﻭﻗﺎﺩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ..
ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ : ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﺤﺼﺪ ﻣﺎ ﺯﺭﻋﻨﺎﻩ ﻭﻟﻮ ﺑﻌﺪ
ﺣﻴﻦ .
" ﺃﻟَﻢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻟﺤﻈﺔ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻟﻢ ﻋﺪﻣﻬﺎ ﻳﺴﺘـﻤﺮ ﻣـﺪﻯ ﺍﻟﺤـﻴـﺎﺓ "..