yasminemosta ضيف شرف
عدد المساهمات : 116
| موضوع: المسلمون والنهضة العلمية الجمعة 04 مايو 2012, 01:42 | |
| المسلمون والنهضة العلميةعبد المالك بن مروان أول خليفة يأمر بتعريب الإدارة في دواوين الدولة الإسلامية شرقاً وغرباً، فسادت العربية وأصبحت اللغة الرسمية للدولة بدلاً من البهلوية في الشرق واليونانية في الغرب. وأقبل الفلاسفة والعلماء الأجانب على تعلم العربية، وهكذا بات لزاماً على الأجانب من ممارسي الطب والعلوم المتصلة به من كيمياء وصيدلة وغيرها أن ينقلوا علوم شعوبهم إلى اللغة العربية، وهكذا بدأت الخطوة الأولى في حركة النقل والترجمة. وكان يعاصر عبد الملك بن مروان أمير أموي محب للعلم والكتب هو (خالد بن يزيد بن معاوية) وقد كرس حياته للعلم وتشجيع العلماء، حتى إنه تنازل عن الخلافة التي بويع لها بعد وفاة أبيه كي يتفرغ للعلم. وكان خالد أول من أسس مكتبة جامعة في الإسلام، وكانت النموذج الأول للمكتبات العامة الكبرى التي اشتهرت بها العصور الإسلامية الزاهرة. وكان يجلب إلى مكتبته الكتب الأجنبية من الأقطار ويبذل في سبيل ذلك الأموال الطائلة والجهود الكبيرة، وهو أيضًا رائد عصر الترجمة، وقد أمر بدعوة الفلاسفة والعلماء اليونان لينزلوا مصر ويحاطوا بالرعاية والتكريم. وكما يقول ابن النديم في الفهرست "فإن ذلك حببهم في اللغة العربية فتفصحوا فيها ونقلوا الكتب من اليونانية والقبطية إليها". وكان الأمير نفسه متفانياً في طلب العلم، نابغاً في الطب والفلك، وعلى وجه الخصوص في الكيمياء، التي تعلمها على يد راهب يوناني اسمه (مريانوس). وكان مريانوس وآخر اسمه اسطفان الاسكندراني من رواد الترجمة في العصر الإسلامي. وقد بلغت هندسة البناء وما تتطلبه من علوم أخرى كالهندسة النظرية والحساب شأواً كبيراً في العصر الأموي وكان من رجال هذه النهضة الخليفتان عبد الملك وابنه الوليد، ويشهد بذلك الأثران العظيمان قبة الصخرة في بيت المقدس، والمسجد الأموي في دمشق، اللذان جندت لإنشائهما كل الخبرات والمهارات في الإمبراطورية الإسلامية في ذلك الوقت فجاءتا آية في فن المعمار واصل العباسيون ما بدأه الأمويون من نهضة علمية بلغت أوجها في عصر هارون الرشيد وابنه المأمون في الفترة من (809 م إلى 842 م). وكانت الدولة العربية الإسلامية في ذلك الوقت قد فاقت في الثروة والمدنية والرفاهية والتقدم العلمي والصناعي كل حدود وصل إليها الرومان والفرس وغيرهم بمراحل كبيرة. ومن شواهد التقدم التكنولوجي في ذلك الوقت ما بلغته بعض الصناعات من دقة وشهرة. فقد بلغت صناعة الزجاج في سوريا مبلغاً عظيماً وابتدع فيها الزجاج الملون والمطلي بالمينا، وقد دخل ذلك الزجاج لأول مرة أوروبا مع الصليبيين العائدين من المشرق. وكذلك تطورت صناعة الورق في سمرقند فبلغت درجة رفيعة من الدقة والامتياز وظلت سوريا وسمرقند مركزي تصدير هاتين السلعتين للعالم منذ ذلك الوقت لسنين طويلة. وفي صناعة التعدين والمعادن اشتهرت سوريا والبحرين وخراسان ونيسابور والسند وأصفهان وفرغانة من أرجاء الإمبراطورية الواسعة. وكانت سوريا مركزًا لمحاجر الرخام ومناجم الكبريت. كما كانت أصفهان مركزًا لاستخراج خام الأنتيمون وفرغانة مركزًا لمناجم الزئبق واستخراج رواسب القار. أما الذهب والفضة، اللذان كانت ترفل في زينتهما الإمبراطورية، وتصنع منهما الصحاف والأواني والعملة وترصع بهما السيوف وتوشي الملابس، فكان مركزهما الأكبر في خراسان. وأما الأحجار الكريمة كالياقوت والفيروز واللازورد فكانت تستخرج من نيسابور.
وقد نشأت في الدولة العباسية نهضة تعليمية لم يعرف مثلها في التاريخ من قبل فقد بلغت أوجها في عصر المأمون، الذي أحدث ثورة في نظام التعليم العام، الذي أنشئت له المدارس الخاضعة لإشراف الدولة، والتي عين لها المدرسون الذين تجري عليهم الرواتب المنتظمة. وقد ظلت هذه المدارس في تطور مستمر منذ تلك الدفعة حتى وصلت في عهد وزير السلاجقة "نظام الملك" في أواخر أيام الدولة العباسية إلى ما اشتهر به من أبهى نظام وأحكمه، وكانت تسمى إذ ذاك بالمدارس النظامية نسبة إلى راعيها الوزير "نظام الملك"، وكان يدرس في تلك المدارس على جانب العلوم الدينية علوم المنطق والحساب والجغرافيا وغيرها. وأنشئت أيضًا مؤسسات التعليم العالي كالمدرسة العليا للشريعة والقانون ومدرسة العلوم الطبيعة والصناعات وكانت هذه كاملة بقاعاتها ومكتباتها ومعاملها. أما مدارس الطب فكانت ملحقة بالمستشفيات حتى يمكن التطبيق العملي للنظريات الطبيعية والعلمية التي يلقيها الأساتذة على الطلاب. وهذا النظام مازال هو النظام المتبع في التعليم الطبي في العالم كله حتى الآن. وفي عهد الخليفة العباسي المقتدر وضع أول نظام محكم في العالم لتأهيل الأطباء والصيادلة والكيميائيين فكانت تعتقد لهم في عصره اختبارات الترخيص بمزاولة المهنة حماية للجمهور من الأدعياء. وأول من قام رسمياً بهذه الاختبارات هو (سنان بن ثابت) المتوفى عام 338 هـ . وكانت هذه الشهادة التي يمنحها سنان تشبه دبلومة التخصص التي نراها الآن في كليات الطب. وقد بلغ من أجازهم سنان بن ثابت من الأطباء حوالي 800 طبيب. وسنان هذا هو مبتكر نظام البيرامستانات السيارة والزيارات الطبية وهو ما يسمى الآن بالإسعاف. فكان يوفد الأطباء ومعهم الأغذية والأدوية في حملات لعيادة المرض في السجون والنواحي النائية ولنجدة حالات الطوارئ. ولم تعرف في العالم دائرة حكومية للصحة قبل العصر العباسي، وكان يرأسها أحد شيوخ الأطباء، يراقب ممارسة المهنة ويختبر الأطباء والصيادلة ويجيزهم ويشرف على الخدمات الصحية. وقد بنى أول مستشفى دراسي عام في عهد هارون الرشيد، وسرعان ما تلته مستشفيات مثيلة خارج العاصمة، وكان بكل مستشفى عيادة خارجية ومكتبه ووسائل وإمكانيات دراسية لطلاب الطب. وفي علم الحياة نشط علماء العصر العباسي في تشريح الحيوان والنبات وأجروا عليهم التجارب ودونوا الملاحظات، ومن مشاهيرهم الجاحظ الذي وصف كثيراً من الحيوانات ودرس بيئاتها، وهو موسوعة في عالم الحيوان وكان الجانب التجريبي في كتابه بارزاً إلى جانب ملاحظات قيمة عن فكرة التطور وأثر البيئة. أما علماء النبات فقد برز منهم الكثير في ذلك الوقت، وذلك لعلاقة علم النبات الوثيقة بالصيدلة والعقاقير ومن مشاهيرهم ابن سينا والديناري. وقد أثر أنه من هؤلاء النباتيين من كان يصطحب معه في أبحاثه الحقلية الرسامين ومعهم الأصباغ إلى البيئات الطبيعية للنباتات يصورونها في أطوار حياتها المختلفة وفي مجال الرياضيات والفلك تمت انجازات وابتكارات عظيمة ومن بينها علوم جديدة يرجع الفضل في ابتكارها وتطويرها للمسلمين، كعلوم الجبر والهندسة التحليلية، ومن أساطيلهم في هذا المجال محمد بن موسى الخوارزمي المتوفى عام 232هـ، فقد عاش في عصر المأمون وهو أول من أورد الأرقام الهندية التي نستعملها إلى الآن ويستعملها الأوروبيون مع بعض التحوير ويسمونها الأرقام العربية. ويرجع تطوير علم الحساب في القرون الوسطى إلى الخوارزمي، وقد استقى من كتبه علماء أوروبا لقرون طويلة واشتقوا من اسمه مرادفات لاسم هذا العلم عندهم وهو (جورزم)، وهو أبو علم الجبر إن لم يكن مكتشفه. وأخذ عنه الغرب اسمه فاسموا به العلم الجديد (الجبرا). كما كان الخوارزمي من الرواد في علم الهندسة لكن يرجع الفضل في الإضافات الهامة في علم الهندسة إلى الحسن بن الهيثم والبيروني في أواسط أيام الدولة العباسية. وقد استخدم ابن الهيثم براعته في الهندسة بنوعيها المستوية والمجسمة في حل مشاكل أبحاثه في علم الضوء، مثل تعيين نقطة الانعكاس في المرايا الكروية والاسطوانية والمخروطية. أما علم حساب المثلثات وعلاقته بعلم الفلك فيعد علمًا عربيًا إسلاميًا بقدر ما يعد علم الهندسة إغريقيًا، وكان العرب أول من استخدم الجيب بدلاً من وتر ضعف القوس، وأول من أدخل المماس في النسب المثلثية، وأول من اكتشف قواعد عمل الجداول الرياضية، وأشهر رواد هذا العلم (أبو الوفاء البوزجاني) وهو الذي أدخل القاطع وقاطع التمام. وحظي علم الميكانيكا بعناية كبيرة أيضًا وكان يسمى علم الحيل، وأشهر من عني به موسى بن شاكر وبنوه في عصر المأمون وكانوا رياضيين فلكيين بارعين. ولبني موسى بن شاكر (محمد وأحمد وحسين) كتاب في الحيل يعرف باسم (حيل بني موسى) وهو أول كتاب يعتد به في علم الميكانيكا، ويحتوي على مائة تركيب ميكانيكي مشروح ومصور، تناولوا فيه دراسة مركز الثقل وشرحوا الآلات وما فيها من حيل علمية. وقد طبق بنو موسى علمهم بالرياضيات وحساب المثلثات والحيل على الفلك فابتكروا وأبدعوا وبنوا مرصدًا عظيمًا في قصرهم ببغداد، وقد كلفهم المأمون بقياس محيط الأرض فقدروه بنحو 24 ألف ميل، وهو لا يختلف كثيرًا عن التقدير الحالي. وقد أعدوا لهذا العمل العظيم عدته واختاروا لقياسه مكانين منبسطين أحدهما في صحراء سنجار والآخر باكلوفه ونصبوا فيه الآلات وقاسوا الارتفاعات والميل والأفق وأجروا حساباتهم مع العلم بأن كل درجة من درجات الفلك يقابلها 66.3 (ستة وستون وثلث ميلاً) على الأرض، وقاربوا بين الحسابات والنتائج ووجدوا اتفاقًا وحققوا رغبة المأمون. أما علم الفلك فمن أشهر من برع فيه ثابت بن قرة وحنين بن إسحاق والكندي وابن يونس، ومؤلفو الغرب يعترفون بأن إسهام العرب في علم الفلك كان نقطة تحول في تاريخ العلم. فهذا "جورج سارتون"، شيخ مؤرخي العلوم، يقول: إن بحوث العرب في الفلك كانت مفيدة جدًا، وقد مهدت الطريق للنهضة الفلكية الكبرى التي بزغت بكوبل. أما جابر بن حيان فكان لعلم الكيمياء على يديه نقطة تحول كبرى، فقد خلصه من الانحرافات، وبناه على أسس علمية، حتى إن هذا العلم كان يسمى في عهده (صنعة جابر)، وعلى يديه تطورت الكيمياء وصارت علمًا يبنى على التجارب ودقة الملاحظة والحساب وصياغة القوانين والنظريات وعرفت على يديه عمليات التبخير والترشيح. والرازي أكبر شهرته في الطب إلا أنه أدى أعظم الخدمات لتطوير علم الكيمياء وطبقها في العلاج وعمل على تطوير الكيمياء الحيوية. الفيزياء فيزدان اسمها بالحسن بن الهيثم والبيروني، وإذا كان علماء العصر الحاضر يعدون إجادة الرياضيات أساسًا لدراسة الفيزياء، فإنه من المدهش أن ابن الهيثم والبيروني كانا على علو كعب في الرياضيات كما في الفيزياء ولم تقتصر النهضة العلمية على المشرق العربي، ولكن تعدته إلى الأندلس حيث سادت الدولة العربية الإسلامية، وظهر تقدم علمي وتكنولوجي يضارع ما فعله العباسيون وأكثر. وباعث هذه النهضة هو عبد الرحمن الناصر المتوفى عام 357 هجرية، وكانت قرطبة حاضرة ملكه وزهرة الدنيا تزدان في مجال الهندسة الإنشائية بالقصور والمدارس والمساجد بما يبهر العلماء. وقد ابتكر في مسجد قرطبة نظام في الأعمدة لا يحجب عن أي مصلى رؤية الإمام، وأخذ عنهم الأوروبيون ذلك. وكان في قرطبة 300 حمام عام مزودة بالشروط الصحية في الوقت الذي كان الأوروبيون يعتقدون أن الاستحمام حرام. ويقول "أنتوني ناتنج" في كتابه العرب: (إن تقدم العرب في الأندلس لم تحرزه لندن وباريس إلا بعد ذلك بقرون) ويضيف ناتنج أيضًا : (لقد كان في مكتبة قرطبة 400 ألف كتاب ولم يكن هناك أمية بين سكان قرطبة البالغ تعدادهم في ذلك الوقت 800 ألف، في الوقت الذي كانت فيه الكتابة في أوروبا مقصورة على الكهنة وبعض المحترفين). كما حدث رقي فائق في صناعات النسيج والجلود والخزف وتعدين الذهب والفضة والحديد، وبلغت صناعة السفن مبلغًا كبيرًا، ومن ذلك أخذ العالم عن عرب الأندلس مصطلحاتهم في مجال السفن مثل: أدميرال أي أمير البحر وترسانة وتعريفة .. الخ. أما في مجال العلوم البحتة عند المسلمين في الأندلس فإن جامعة قرطبة في عصر عبد الرحمن الناصر كانت تستقطب الطلاب من البلاد الأوروبيين، وكان حكام المماليك الأوربيين يرسلون إليها البعثات ويستقدمون منها الخبراء. وكان الزهراوي من الأندلس، وهو من أعظم الأطباء والجراحين في العصور الوسطى. وكان أول من أجرى عمليات استخراج الحصى من المثانة كما أجرى عمليات صعبة في التوليد مثل استخراج الجنين الميت دون إيذاء الأم، ومن الزهراوي الأندلسي انتقلت مهنة الطب إلى أوروبا كتبه احمد وهدان | |
|